التطور الكيميائي : كل شئ يتحرك ويتغير ويتحول ويذهب

ما هو التطور أو النشوء الكيميائي العضوي ؟ وكيف فسره العلماء ؟ وما التجارب على إثبات صحة أقوالهم ؟

 مفهوم "التطور” في سياقنا يعني ببساطة تغير المادة عبر الزمن ، التطور البيولوجي يتكلم عن الكائنات الحية القابلة على التكاثر أو بمعنى آخر “استنساخ أنفسها”، وأيضا قابليتها على التكيف مع البيئة و إنتاج جيل قادر على التحمل بشكل أفضل ، وتلعب الطبيعة دوراً مهما وذلك من خلال اختيار الجيل الأصلح القادر على المقاومة بشكل أفضل .

التطور الكيميائي يشير إلى الأمور أو الأشياء الغير قادرة على الاستنساخ ، مثال على هذا هي الجزيئات الفردية أو الانظمة الكيميائية الكاملة ، النظام الكيميائي الكامل هو النظام الذي يحتوي على جزيئات تتفاعل من بعضها البعض، الانظمة الكيميائية بالكاد تتطور عبر الزمن ، ولكنها تتطور إلى البساطة كمثال على ذلك ، الحديد يتحول إلى صدأ عند تعرضه للماء بشكل مكثف، البروتينات تتفكك عند تعرضها لحرارة عالية.

إذا كان التطور الكيميائي يتطور إلى أشكال أبسط فلا بد أن يكون هناك ظروف معينة لكي تجعله يتطور نحو اشكال أكثر تطوراً من الاشكال البسيطة.

البداية كانت بالتطور الفيزيائي والكيميائي للأرض، وقد بدأ التطور البيولوجي مبكراً هو نسبياً منذ 3،7 مليار سنة وذلك بأولى الخلايا. وقبل 3،5 مليار سنة اخترعت الخلايا التركيب الضوئي وبالتالي صارت كائنات ذاتية التغذية، وتمايزت الخلابا البسيطة (عديمة النواة) وتطورت لخلايا ذات نوى حقيقية ينفصل محتواها النووي عن الخلوي الخارجي، واستغرق ظهور هذه الخلايا زمنا عظيما يقارب 2 مليار سنة.


التطور البيولوجي يحتاج الى عملية الاستنساخ، في التطور الكيميائي يمكن إبدال هذه العملية بالإنتاج المتكرر. في بدايات نشأة الأرض كانت الأرض تعاني من عدة ظروف منها انخفاض درجة الحرارة ، وأيضاً  ارتفاعها ، والبراكين، وانخفاض مستوى المياه وايضاً ارتفاعه في بعض الأحيان، لم تكن ظروف الأرض ثابتة بل كانت عشوائية ، جميع هذه الظروف يمكنها ان تنتج جزيئات جديدة في النظام الكيميائي، كمثال على هذه الجزيئات لنأخذ ” الأحماض الدهنية ” وهو عبارة عن مركب يتكون من ذرات الهيدروجين وكاربون وأوكسجين جميعها مركبة مع بعضها بشكلٍ فريد، الأحماض الدهنية هي مركبات تستخدمها الخلايا الحية في داخل أجسامها ، العلماء كانوا يظنون أنه فقط الخلايا ممكن انت تُنتج أحماض دهنية ثلاثية ولكن لنرى ذلك في ظروف الأرض القديمة


منذ حوالي 1 مليار سنة وصلت نسبة الأوكسجين في الغلاف الجوي للارض إلى 20% إذ تسارعت زيادة تركيز الأوكسجين.

إن الفقاريات ظهرت لأول مرة قبل 700 مليون عام والنباتات عديدة الخلايا ذاتية التغذية. وبالتالي فإن هذهِ الكائنات لم تحتل من زمن تشكل الأرض حتى اليوم سوى 20% على أكثر تقدير.

العصر ماقبل الكامبري هو الزمن الذي اخذت به الأرض بالتشكل ويمتد من (4،6 -3،8 مليار سنة قبل الآن)، و في هذه الحقبة حدث التطور الفيزيائي والكيميائي للأرض.

إن الحديث عن النشوء الكيميائي معقد بعض الشيء وقد نحاول معا أن نفهم ما يقوله عنه الباحثون، وما اثبتوه في مخابرهم.

إن التطور البيولوجي يحتاج لخلايا ومادة وراثية جاهزين للانقسام وتوليد الأنسال المتعاقبة ، ولكن قبل ذلك لابد من الجزيئات العضوية النموذجية للخلية كالبروتينات والدسم والحمض النووي ان تتكون وتتطور.

في بداية الخمسينات من القرن العشرين عمل العالم Stanly L. Miller من جامعة شيكاغو، تجربة جعلنا نفهم من خلالها ، كيف تمكنت هذه البيئة القاسية من تكوين مواد عضوية ابتدائا من مواد غير عضوية. ومبدأ التجربة موضح في الصورة التخطيطية كالآتي:

يتألف جهاز Miller من حجرتين رئيسيتين للتفاعل. في الإناء السفلي وضع ماء مسخن وهو يحاكي المياه المحيطية للأرض الابتدائية. وفي الإناء العلوي الحاوي على بخار الماء والميثان والأمونية (النشادر) وغاز الأوكسجين، يتم إطلاق إلكترونين وتحدث شرارة كهربائية، وينتج مركب في نهاية دورة الجهاز (بعكس حركة عقرب الساعة) يحوي المنتجات المائية للتفاعل، والتي عبرت من خلال المكثف.

نتائج تجربة Miller:

أنتجت التجربة الكثير من الحموض الأمينية التي تختلف نسبة كل منها في المركب. وهي:
القطران 85%
حموض كربونية عشوائية 13%
الغليسين 1،05%
الآلانين 0،85%
الغلوتامات قليلة جداً
حموض الأسبارتيك قليلة جداً
الفالين قليل جداً
الليوسين قليل جداً
السيرين قليل جداً
البرولين قليل جداً
التريونين قليل جداً

ومنذ ذلك الوقت أعاد الكثير من العلماء تجربة Miller في ظروف أخرى، كطاقة حرارية وأشعة فوق بنفسجية وإشعاع نيوتروني (جسيمات بيتا) والضوء والموجات الصدمية وغيرها من مصادر الطاقة التي استعملت كمحفزات لإنتاج هكذا تراكيب.
وتكون بذلك حموض أمينية ونكليوتيدات حموض دسمة وغيرها، . ويشير هذا إلى أن المواد اللازمة لظهور الحياة يمكن لها أن تتخلق من خلال المواد اللاعضوية. و بتبرد الأرض جيداً أمكن لهذه الجزيئات العضوية البقاء. وأحاط الدسم في وقت لاحق المكونات العديدة المتفاعلة ليعطي الخلية البدائية. هذا الأمر سنشرحه لاحقاً في منشورات لاحقة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم العائق الابستمولوجي

أسرار عيون الحبار

الضباع hyaenas