الدماغ البشري
























الدماغ البشري





الدماغ البشري فريد ، بالمقارنة مع الأعضاء الأخرى .. فهو يزن 1.4 كيلوغرام ويعمل أضعاف ما تعمله الأعضاء كلها. كتلة متجعدة من الهلام الطري المتماسك. لا يتمدد ولا ينقبض كالرئة، ولا ينبض كالقلب، بل يعمل بهدوء.. أهم عمل في كل الجسم. فلو نظرت إلى دماغٍ حي، فبالكاد ستدرك أنه يعمل.. عدا إن كنت شديد الملاحظة ورأيت بعض الانقباضات التي تحدث في الشرايين التي به، فتؤدي إلى نوع من الإهتزاز النبضي الضعيف على سطح.


لم يكن البشر يعرفون ما هو الدماغ ولماذا يُستخدم هذا العضو.. فالمصريون القدامى على سبيل المثال، عندما كانوا يحنطون موتاهم الأفاضل.. كانوا يرمون الدماغ من الجسد، وبدلاً منه يحتفظون ويهتمون اهتماماً بالغاً بالقلب. لأنهم لم يكونوا يعلمون ما هو الدماغ وما وظيفته. رغم إيمانهم بالبعث بعد الموت.


وجاء أرسطو معتقداً أن الدماغ يعمل كمبرد للدم. في حين أن الفيلسوف الفرنسي (رينيه ديكارت) أعطاه حقه أكثر عندما اعتقد أن الدماغ يحقق وسيلة الاتصال بين الجسد والروح.


طبعاً كثرت النظريات القديمة عن الدماغ.. ولكن لم يفهم الإنسان معنى الدماغ وما هي وظيفته إللا بعد زمن طويل.
يتكون من 100 مليار خلية عصبية ينظم عمل الرئتين والقلب وضغط الدم.. إلخ
و
هو مصدر كل الاعتبارات العقلانية، والسلوك والتفكير وإدراك المحيط والعواطف.. وكل المشاعر والحركات الإرادية وأغلب الحركات اللا إرادية.

والتاريخ التطوري للدماغ ملهم وحافل بالتغيرات جداً، فالكائن الحي الذي يمتلك دماغاً أكثر قدرة على إدراك المحيط وحل المشاكل .. هو الأكثر قدرة على البقاء.

ولو عدنا بسلف الإنسان إلى الوراء.. نجد أنه ليس فقط الحجم يختلف بل التعقيد أيضاً. كلما اقتربنا إلى الإنسان يزداد التعقيد ويزداد حجم القشرة المخية التي تحيط بالمخ نظراً لأهميتها في كل الأمور الإدراكية والحركية والتعليمية والسلوكية وكل النشاطات الواعية.


1. اللا فقاريات: 



المهمة الرئيسية للدماغ، ولكي يصبح دماغاً.. هي أن يربط مركز وعي الكائن الحي باتصالات تنتشر في جسم الكائن الحي وأيضاً أن يربط مركز وعي الكائن الحي مع البيئة المحيطة وتأثيراتها.. من خلال أيضاً اتصالات منتشرة على السطح الخارجي. والانتخاب الطبيعي يعطي فرصة أكبر إلى الكائن الحي الذي يشعر ويدرك الوسط الخارجي والداخلي لجسمه للبقاء أكثر.. لأنه سيمتلك قدرة أكبر على النجاة وإيجاد الحلول في الغذاء. فحافظت الحياة بذلك على التطورات والارتقاأت التي ترافقت مع جهازها العصبي والدماغي. كتطور الخلايا الحسية المتصلة مع خلايا أخرى تسمح للكائن الحي التعامل مع متغيرات الأوساط الداخلية (العطش والجوع والتعب..) والخارجية له (تهديدات طبيعية.. كائنات مفترسة.. ). وهذا النوع من الشبكات البسيطة هي النسيج العصبي لأبسط أنواع الأدمغة البدائية. وتمتلكها الديدان واللا فقاريات حتى اليوم. لأنها كانت ناجحة.. وتطورها وزيادة تعقيدها لدى بعض الأنواع لا يعني أن ما تمتلكه الديدان واللافقاريات لم تعد ناجحة.


2. الفقاريات:

A . الأسماك: اتصالات أعضاء حسية في مركز واحد ندعوه الدماغ ليشكل مركز الوعي. ولكننا نجد أن المخيخ هو أكبر قسم من الدماغ لدوره في التحكم بالحركة التي تحتاجها الأسماك داخل الماء في تحريك عضلات الزعانف والتعامل مع الضغط المائي.

B. البرمائيات: وهي حفيدة الأسماك (تطورياً) ويشغل (المخ) الحيز الأوسع من النسيج العصبي و من الجدير بالذكر أن البرمائيات التي تطورت عن الأسماك تمتلك فصوص شمية كبيرة ومزدهرة والسبب هو أنها انتقلت إلى اليابسة حيث الروائح المنتشرة على عكس الماء الذي تنعدم به الروائح. فكان تطور الحاسة الشمية أمر مفصلي في بقائها على اليابسة لأنها عضو حسي قوي وفعال في الهواء.. وأيضاً لأنها بدأت باستخدام الأنف بدلاً من الخياشيم في التنفس فكان تطور الفصوص الشمية أمراً حتمياً.

C. الزواحف: التشابكات العصبية معقدة أكثر. والمخيخ أكبر حجماً من المخ، ولا تزال الفصوص الشمية مزدهرة أكثر كما لدى اسلافها البرمائيات.

D. الطيور: ولها دماغ مشابه لأسلافها الزواحف، والمخيخ كبير ومتضخم لأنه لولا تطوره الزائد لما استطاعت أن تتوازن في الطيران في أغلب الظروف الجوية الصعبة. ولازالت الفصوص الشمية الكبيرة والتي لا تُظهر فعالية كبيرة لدى الطيور، فحاسة شمها ليست قوية. وهي مجرد عضو متضخم باقٍ ومتوارث منذ أسلافها الزواحف، الطيور لا تحتاجه كثيراً.

E. الثدييات: وهي ابناء عموم مع الطيور لأن أسلافها المشتركون هم الزواحف. والاختلاف البارز الذي بدماغها هو حجم المخيخ المتقلص بالمقارنة مع أسلافها الزواحف.. وهذه ليست وجهة مقارنة صحيحة لأن المخ هو الذي ازداد حجماً وتعقيداً وليس المخيخ الذي صغِر. فكلما كان الدماغ وقشرته المخية أكبر ومعقدة أكثر.. كلما زاد ذكاء الكائن وبالتالي الطبيعة تسمح له بالبقاء أكثر.. فالديناصورات (الزواحف الكبيرة) انقرضت وكان تطور دماغها أمراً مفصلياً في ذلك لأنها لم تعد تجد الغذاء الكافي لها والمناسب لاحجامها، ولا التصرف بحكمة في الظروف الصعبة والقحط ونقص الغذاء، بينما كانت الأدمغة الأكثر تطوراً وذكاأً لدى الثدييات هو سبب نجاحها وبقائها وسيطرتها على الأرض.. بعد انقراض الديناصورات الكبيرة.

F. البشر: استمر المخ بالنمو والتعقيد أكثر وأكثر لدى أسلافهم المحددين من الثدييات. حتى أصبحوا هم الأكثر ذكاأً ووعياً واحساساً وإدراكاً بالطبيعة أطلقوا على انفسهم (بشراً.. حومانس..).. وفي أسلاف البشر (البشرويات) الذين يعودون لـ 4 أو 5 ملايين عام، فإن الملفت للنظر هو الاختلافات البارزة في حجم الجماجم وخصوصاً مقدار تمدد الفص الجبهي.. لأن الفص الجبهي هو المسؤول عن السلوك المتحضر والذكي. هو المسؤول عن المحاكمات المنطقية والحلول لمسائل معقدة وطرح الأسئلة والتأمل.. الفص الجبهي وتطوره المتفاوت لدى أسلافنا هو مقياس تطور وذكاء تلك الأسلاف. والإنسان العاقل الحديث.. أي نحن.. هو النوع الوحيد الذي حاز على أكبر مقدار من التطور في الفصوص الجبهية وحجم الدماغ وبالتالي التعقيد فكان له البقاء الأكثر والذكاء الأعلى وتمكن من التفكير الأعمق وبناء الحضارات والصعود للفضاء وفهم الكون أكثر.



اختلافات الحجم في نصفي الكرة المخية وعلاقته بالأداء الوظيفي ومدى أفضلية المعالجة، لدى الكائنات التطورية العليا.


من المعروف في علم التشريح، وفي التشريح العصبي، وجود تباينات في نصفي الكرة المخية. وهو أمر مُلاحظٌ بوضوح على المستوى الكبير العياني وعلى المستوى المجهري الدقيق. فالتمدد الأفقي لسطح القشرة المخية خلال (التقدم العمري) بين الأفراد، وعبر الزمن التطوري (بين الأنواع)، هو أمر ناشئ بشكلٍ كبير عن المرحلة الجنينية ماقبل الولادة، وعن تباعد الأعمدة العمودية المجهريّة للخلايا المشكلة للقشرة المخية.
في مستوى السطح الصدغي Pلانوم طيمپورالي Pط يكون عرض العمود الصغير Mينيچولومن له علاقة بتباين منطقة السطح القشرية المخية، بالرغم من أن التباين الذي تسببه الأعمدة الصغيرة لدى الإنسان ليس كبيراً، لكنه يقدر في حساب تباين منطقة السطح القشرية هذه في ما يقارب 9% من قياسها. و بشكل دقيق، فإن هذا التباين الناتج عن الأعمدة الصغيرة يكون #غائباً في المناطق نفسها من أدمغة القردة الأخرى.

إن هيمنة نصف الكرة المخية الأيسر على عملية الكلام، يعتقد أنه يعتمد جزئياً على الدقة العالية لعملية المعالجة، وذلك من خلال الأعمدة الصغيرة المتباعدة بشكل كبير نسبياً، فيحدث تداخل أقل للحقول الشجرية (التفرعات الشجرية). في حين أن تباعد الأعمدة الصغيرة يكون ضيقاً في نصف الكرة المخية الأيمن فيحدث تداخل أكثر للتفرعات الشجرية، وبالتالي دقة معالجة أقل كلياً.هذا المفهوم يصقل لدينا الفكرة البسيطة القائمة على أن منطقة الدماغ الأكبر ترتبط بهيمنة أكبر للوظائف، ويقدم تفسيراً يرتبط بـ (نمط المعالجة). و يقدم آلية يمكن من خلالها ربط المناطق المتباينة بأسس وظيفية خاصة تعود لتنبؤات قابلة للقياس والاختبار بدلاً من التعميم بأن الأكبر هو الأفضل لأجل أي وظيفة كانت.


معالجة تعابير الوجه (وهو مقابل للغة)، يسيطر عليه نصف الكرة المخية الأيمن. الأعمدة الصغيرة في التلفيف المغزلي للنصف الأيمن أرفع مما هي عليه في نصف الكرة المخية الأيسر، والمرتبط هو الآخر بمعالجة تعابير الوجه.ومرة أخرى، لا يوجد هذا التباين بين نصفي الكرة المخية لدى الشمبانزي.وهذا الاختلاف بين نصفي الكرة المخية يمكن أن يُلاحظ أيضاً من حيث سرعة المعالجة، التي أصبحت أسرع من خلال تكون (النخاعين) غير المتماثل في مساحات المادة البيضاء. فقد وجد كل من (آندرسون و آل) عام 1999 بأن المحاوير العصبية إخونس للفص الصدغي العلوي الخلفي (الباحة الكلامية) الأيسر كانت حاوية على النخاعين بشكل أكبر مما جعلها أثخن.وبالتوصيل البيني بين هذه المناطق ومناطق مقابلة لها في نصف الكرة المخية الآخر ءعن طريق مسارات الجسم الثفني Cورپوس Cوللاسومء تكون المعلومات القادمة من النصف المهيمن أكبر وأقوى وأكثر وضوحاً في حين تكون القادمة من النصف الآخر أقل قوة وأقل وضوحاً فتعتبر مشفرة بالنسبة للمهيمنة.ومن هنا نحصل على مبدأ الانحياز، فيكون نصف الكرة المخية الأيسر هو (المسؤول الكلي) على الكلام، والأيمن هو (المسؤول الكلي عن السمات الوجهية). وهكذا لبقية الوظائف القشرية المخية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم العائق الابستمولوجي

أسرار عيون الحبار

الضباع hyaenas