الحيتان... ملحمة تطورية لاسطورة واقعية
الحيتان
تتنفس الحيتان بواسطة الرئتين ، ويدخل الهواء الجوي إليهما من خلال الفتحة التي توجد على قمة الرأس، وللحيتان جهاز تنفسي فريد من نوعه يسمح لها بالبقاء تحت الماء فترات طويلة دون أخذ الأكسجين ، مثل حوت العنبر، الذي يمكنه البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى ساعتين ، وتتميز الحيتان بمعظم الخصائص المميزة للثدييات؛ فهي من ذوات الدم الحار، وتتكاثر بالولادة ، وترضع صغارها، ولديها شعر بالقرب من الفم وفتحة النفث
يوجد نوعين من الحيتان :
- الحيتان البالينيّة (بالإنجليزيّة: baleen Whales) وتعرف علمياَ باسم (Mysticeti)
-الحيتان المُسنّنة (بالإنجليزيّة: The toothed Whales) المعروفة علميا باسم (Odontoceti). تسمى الحيتان البالينية بهذا الأسم لأن فمها يحتوي صفائح بالينية مكونة من الكيراتين ، تُصفّي العوالق من الماء. يتميّز هذا النّوع من الحيتان بأنّه يمتلك فتحتَي نفث أعلى الرّأس، أمّا الحيتان المُسننّة فلها أسنان بدلاً من الصّفائح، وتتغذّى على الأسماك، والحبار، وتتميز بقدرتها على التعرّف بما يحيط بها باستخدام السونار الحيوي
الحيتان.. ملحمة تطورية لاسطورة واقعية
نستطيع ملاحظة الكثير من الأعضاء الاثرية (فاقدة لدورها الوظيفي) في أجسادنا وفي جميع الكائنات الأخرى .. ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة إللا من خلال التطور.
على سبيل المثال: الحيتان تمتلك صورة واضحة عن الأعضاء الأثرية التي تثبت بوضوح انتمائها البعيد للثدييات الأرضية قبل أن تكون مائية. وهي الأقدام الخلفية الضامرة نتيجة عدم الحاجة لاستخدامها في المياه، فأدى الانتقاء الطبيعي لضمورها واختفائها شكليا لدى الحيتان.
ولكن في الهياكل العظمية لها، نجد هذه الزوائد العظمية المفصلية التي كانت تشكل الأقدام للحوت الأرضي.
عاش الأخير قبل نحو 55 مليون عام بعد انقراض الديناصورات وكان بحجم القطة والشواهد الاحفورية كثيرة. وبنمو الحياة الأرضية من جديد وحصول منافسة قوية على الموارد، كان الإنتقال للماء الذي هو ملجأ ومصدر للطعام والموارد، بدلاً من اليابسة التي تضج بالقوارض وآكلي الحشرات أمثاله. أمراً لا بد منه للبقاء.
وعلى مدار 15 مليون عام لاحقة، تعرض لتغييرات شكلية حولته من كائن أرضي، لكائن برمائي، إلى كائن مائي تماماً.. لايزال يستنشق الهواء الجوي من خلال رئتين عملاقتين.
للحيتان سجل تطوري بارز، والأحافير زاخرة، بسبب صلابة عظامها سريعة التحجر.
وبحسب هذه المتحجرات المكتشفة. في آخر عشرين عاماً في الشرق الأوسط، فإن ظهور اسلاف الحيتان كان على البر ككائنات ثديية انتقلت للماء. ولكن كيف؟؟
يعتقد العلماء بأن جواميس النهر (أفراس النهر) هي الأكثر قرابة للحيتان. فهي كائنات تعيش أغلب أوقاتها في المياه، وهي وثيقة الصلة بالثدييات حيث تتزاوج وتنجب وترضع صغارها في الماء، ويتعلم أطفالها السباحة قبل تعلم السير على اليابسة، كما أن جلدها حساس للحروق الشمسية، وتكيفت على اليابسة فقط لوجود النبات الغذائي، ولو توفر غذاؤها في المياه لكانت كائنات مائية منذ زمن.
لنذكر أولاً صفات الحيتان البارزة، ومن ثم نقارنها بالمتحجرات:
- ضمور شديد لعظام الأرجل الخلفية.
- الأطراف الأمامية العظمية المفصلية الشبيهة بالمجاديف.
- الذيل المسطح ( على عكس الأسماك التي ذيلها قائم).
- فتحة الأنف التنفسية في أعلى الجمجمة.
- رقبة قصيرة (عدم وجود الرقبة لدى بقية الأسماك).
- أسنان مخروطية وبسيطة.
- الآذان المخصصة للسمع تحت الماء.
- نتوآت بارزة على نهاية العمود الفقري لتثبيت عضلات الذيل القوية.
والآن لنتأمل ما تظهره لنا المتحجرات الرئيسية كما في الصورة المعروضة.
الإندويوس Indohyus كائن بحجم (الراكون) عاش قبل 48 مليون سنة، قد لا يعتر من الأسلاف المباشرة للحيتان ولكنه أقرب المقربين لأسلافها، إذ له صفات الأذنين والأسنان للحيتان الحديثة، وقد كان مائيا جزئياً لسببين: عظامه أكثر كثافة من باقي الثدييات مما يحول دون تمايله يسرى ويمنى في الماء، وأيضاً من حيث النظائر الذرية المستخلصة من أسنانه تظهر بأنه امتص مقدار وافر من الأكسجين المنحل في الماء. فربما كان يلجأ للانهار والمياه الضحلة هرباً من الأعداء وبحثا عن طعام نباتي كما يفعل اليوم الحيوان الأفريقي كيفروتين Chevrotain.
ولو عدنا 4 مليون عام سنعثر على المتحجر بيكيسيتوس Pakicetus وهو يشبه الحيتان أكثر من من الحيوان السابق.
ومن بعد ذلك تأتي سلسة من المتحجرات للكائنات الأكثر مائية، وعند 50 سنة ماضية نجد امبولوسيتوس Ambulocetus أي (الحوت السائر). ويعتقد أن معظم حياته كانت مائية وكان يرسو على الشاطئ كما تفعل الفقمة.
أما الرودوسيتوس Rodhocetus فكان قبل 47 مليون عام وكان أكثر مائية ومنخاره نحو الخلف أكثر وجمجمته أطول وامتاز عموده الفقري بامتدادات قوية لتثبيت عضلات الذيل، ويظهر هذا أنه سباح من الدرجة الأولى، ولم يكن قادر على السير الأرضي لأن أطرافه الخلفية وحوضه كانوا ضامرين.
عند 40 مليون عام خلت نصل لكل من Bosilosaurus و درودون Dorudon، وهي ثدييات مائية كاملة ذات رقاب قصيرة ومناخير متخلفة في أعلى الجمجمة وأحواض وارجل خلفية ضامرة تماماً.
يبلغ طول Dorudon حوالي 50 قدم بينما طول رجليه قدمان وهما غير وظيفيتين بعدم اتصالهما بالهيكل العظمي.
ليس العلماء متأكدين من أسباب هذه الهجرة العكسية نحو الماء، والترجيح الأكبر هو إختفاء الديناصورات (قبل 60 مليون عام في الانقراض الجماعي الكبير) ومعه الكائنات البحرية التي عاصرتهم، وبالتالي يخلو الوسط المائي من متنافسين على الموارد الغذائية ويكون مكان آمن أكثر من البر الزاخــر بالاعداء، فكان الانتقاء الطبيعي مؤيداً للتوجه المائي.
المراجع :
- كتاب Why Evolution is True لأستاذ علم الأحياء التطورية في جامعة شيكاغو Jerry A. Coyne
- http://www.newworldencyclopedia.org/entry/Whale
تعليقات
إرسال تعليق